KLLINGS /الصفحة الرئيسية

لماذا يشيد أتباع أيديولوجية الهندوتفا بقرار بوتين عن غزو أوكرانيا

قام عشرات من أعضاء جماعة هندوسينا اليمينية بعقد مسيرة في منطقة كانات بليس بمدينة دلهي بتاريخ ٧ مارس ٢٠٢٢م وذلك لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا. طالب زعيم الجماعة اليمينية من الحكومة الهندية بنشر أفراد الجيش الهندي في الحرب المستمرة لدعم قوات روسيا ضد أوكرانيا الفاشية.

أعربت الجماعة المذكورة أعلاه سابقا عن تأييدها لروسيا من خلال ملصقات وضعت على تمثال الشاعر الروسي ألكسندر بوشكين يقع في منطقة ماندي هاؤس بنيودلهي حيث كانت الملصقات تقرأ بأن الهندوس الهنود يؤيدون بوتين وروسيا في سعيها لتأسيس الاتحاد السوفيتي. يحيا الاتحاد السوفيتي وتحيا الهند العظمى.

ذكرت صحيفة انديان ايكسبريس الهندية بأن رئيس الجماعة أفاد وذلك ردًا على الأسئلة حول الملصقات بأن روسيا كانت دوما دولة صديقة حقيقية للهند. ندعم روسيا في سعيها إلى إحياء الاتحاد السوفيتي القديم واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية حدودها.

قد تبدو هذه التصريحات متناقضة حيث أعربت مجموعة يمينية عن دعمها لإعادة تأسيس الاتحاد السوفيتي الذي يحكمه الشيوعيون. أعرب الكثير من الناس عن حيرتهم بأن مجموعة يمينية تطالب بإقامة نظام يساري يحكمه الشيوعيون.

لكن إذا قمنا بإمعان النظر في تصريحات رئيس الجماعة والشعار المكتوب على الملصق، فيمكن أن نرى أنه في الواقع لا يوجد تناقضا بين تصريحات رئيس جماعة هندو سينا والأيديولوجية التي تتبناها.

لا بد أن نفهم الكلمات الرئيسية التي تم استخدامها في هذا السياق وهي الاتحاد السوفيتي و حماية الحدود. حسب أيدولوجية هندوسينا وأيديولوجية الهندوتفا بشكل أوسع، تقوم روسيا بما ينبغي على الهند أن تفعله بشكل مثالي. وإن دعم ما يسمى بالاتحاد الروسي هو صدى لأحلامهم لتأسيس الهند العظمى"اكند بهارت".

تعتبر خطوة هندوسينا لدعم روسيا مجرد مثال واحد على كيفية الهند والهنود في النظر تجاه الحرب بين روسيا وأوكرانيا. يقسم الرأي العام الهندي بشأن هذه الحرب إلى آراء مؤيدة لروسيا ومعارضة لها.

تهيمن أصوات أتباع نظرية الهندوتفا على الآراء المؤيدة لروسيا حيث استشهد العديد من الصحفيين والمعلقين على الأخبار بأسباب هذا الدعم والتي تشمل الصداقة التاريخية بين الهند وروسيا ولأن روسيا تعتبر واحدة من الموردين الرئيسيين للمعدات الدفاعية للهند، بالإضافة إلى المخاوف الجيوسياسية للهند والهجمات العنصرية على الطلاب الهنود العالقين في أوكرانيا من قبل أجهزة الأمن الأوكرانية بشكل مزعوم.

وإن طبيعة وأسلوب قيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجتذب أنصار الهندوتفا أكثر بكثير من الأسباب المذكورة أعلاه. صورته كرجل قوي وغير خائف ومصمم على فعل كل ما يلزم لترسيخ مكانة روسيا وإرساء هيمنتها على المنصة العالمية، تعتبر الصفات التي تجعله شخصية محترمة بين أولئك الذين يحلمون بتأسيس دولة هندوسية في الهند والتي تضمن عودة منطقة كشمير التي تحتلها باكستان وتقسيم باكستان إلى عدة أجزاء من بين أمور أخرى.

وسائل التواصل الاجتماعي لأتباع الهندوتفا مليئة بالمشاركات والملصقات التي تدعو الهند إلى التعلم من الرئيس الروسي بوتين حول كيفية التعامل مع باكستان والصين، بالإضافة إلى الأعداء الداخليين.

استولى الرئيس الروسي بوتين على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام ٢٠١٤م وكذلك قامت روسيا بغزو جورجيا وضمت أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في حدودها عام ٢٠٠٨م عندما كان بوتين رئيسًا للوزراء. قام بوتين بتقسيم جورجيا وأوكرانيا إلى أجزاء صغيرة حسب تعبيرات الهندوتفا. وإن تاريخ بوتين في تحطيم الدول المعادية هو ما يجعله جذابًا للمتعاطفين مع نظرية الهندوتفا.

ظل فلاديمير بوتين على زمام السلطة في روسيا لفترة ما يقارب من ثمانية عشر عامًا أي لأكثر من نصف فترة وجود روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في عام ١٩٩١م. وشغل بوتين منصب رئيس وزراء مرتين. قام السيد بوتين خلال سنوات حكمه بتطوير أسلوب مميز ناقشه الصحفيون وعلماء السياسة وعلماء الاجتماع والذين أطلقوا على أسلوب حكمه اسم "بوتينية" أو "نموذج بوتيني" يتمتع هذه الأسلوب بالخصائص الأساسية كما يلي:

١-  استخدام الموارد الإدارية خلال الانتخابات بشكل متزايد

٢- إلغاء نظام الفصل بين السلطات وتعزيز السيطرة على النظام القضائي

٣- تعزيز السلطة السياسية بيد رئيس الجمهورية

٤- تقييد حقوق المواطنين والانتقام من المجتمع المدني

٥- المساواة بين نشاط المعارضة والأعداء

٦- عبادة شخصية بوتين القوية من خلال تمجيدها في وسائل الإعلام وتقديم صورته كبطل قومي.

٧- السرية المطلقة للسلطة واتخاذ القرارات الرئيسية وراء الكواليس

تعتبر هذه الخصائص البوتينية أيضاً السمات المميزة لحكومة حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي. شهدت الهند كل ما ذكر سابقا من الخصائص خلال السنوات الثماني الماضية من تجريم المعارضة والانتقام من المجتمع المدني والسيطرة الكاملة على وسائل الإعلام الرئيسية والأسلوب الرئاسي للحكم وبناء رواية مفادها أن الهند محاطة بعدو خارجي وداخلي وأن شخصًا واحدًا فقط قادر على محاربتها والمجتمع في خطر من أقلية من بين أمور أخرى.

ربما الاختلاف الوحيد بين بوتين ومودي هو أن الأول توطد نفسه، وإن الثاني لا يزال في طور التوطيد وتريد قوات الهندوتفا أن يحدث هذا التوطيد بسرعة ممكنة.

قرر فلاديمير بوتين في عام ٢٠٢٠م (نعم لقد قرر ولم يقترح) إجراء استفتاء عام في روسيا بهدف تعديل الدستور الروسي من أجل منح نفسه سلطات كاملة إلى جانب إلغاء حد لفترة  الولاية.

 حصل بوتين في الاستفتاء الذي وصفه المراقبون باستفتاء ملفق على أكثر من ٧٨٪ من الأصوات الشعبية. وعلى الرغم من أن الدستور الروسي يشمل على أحكام لتنفيذ التعديلات المقترحة عبر البرلمان الروسي ولكن فلاديمير بوتين أصر على إجراء استفتاء لجعل الاستيلاء على السلطة يبدو حسب الدستور. وكان رئيس الوزراء مودي من بين القادة الذين قدموا التهاني لفلاديمير بوتين على استيلاءه التاريخي الكامل على السلطة.

أبدت قوات الهندوتفا مرارًا ازدراءها تجاه الدستور الهندي. وليس من المستحيل تخيل سيناريو روسيا يحدث في الهند مثل استفتاء عام لمنح سلطة كاسحة لرئيس الوزراء الحالي في ظل كيفية إجراء الانتخابات في الهند بالتدخل الكامل من الحكومة وبناء متسق للرواية القائلة بأن مجتمع الأغلبية في خطر.

وإن فلاديمير بوتين بالنسبة لقوات الهندوتفا هو النموذج الذي يجب أن تتبناه الهند إذا كانت تريد هزيمة القوى الخارجية وإبادة الأعداء الداخليين. يحظى بوتين بالإعجاب بين أتباع أيدولوجية الهندوتفا بسبب قسوته وحزمه وطموحه لتوسيع حدود روسيا.

إن التدفق المفرط للمشاعر المؤيدة تجاه بوتين وروسيا من قبل حركة الهندوتفا يعتبر نتيجة للتشابه بين مشروع بوتين "روسيا الكبرى" (أكند روسيا) ومشروع "الهند العظمى" (أكند بهارت) للهندوتفا  حيث يشارك إثنان في المشاعر والطموحات.


الملاحظة: جميع الأفكار والآراء المنشورة على الموقع هي من آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع.

المصدر:نيشنل هيرلد إنديا

 

Take Me Top