POLICIES /الصفحة الرئيسية
الهند أرض تضم ثقافات عديدة، وديانات كثيرة وأشخاصا ذوي هويات متعددة وألسنة مختلفة وولاءات متنوعة، ولكن كلهم هنود ومن بلد واحد، ولكن العديد من الجماعة اليمينية ومن يتبع أفكار الهندوتفا يستخدم كلمتان "نحن" و "هم" فعندما يقولون "نحن" يعنون جميع المواطنين الهنديين سوى المسلمين والمسيحيين، وعندما يقولون "هم" يقصدون به "المسلمين والمسيحيين" فهكذا يفرقون ويميزون بين المواطنين من بلاد واحدة، وهذا التمييز الشديد يسبب الأمراض النفسية في المسلمين.
تقول "ثانية أحمد" الصحفية والناشطة المقيمة في عاصمة الهند دلهي: "بأن اليوم الأول من عام 2022 كان مروّعا ورهيباً بالنسبة لى، وفجئت عندما وجدت اسمي في تطبيق "بولى بائ"، حيث عرضت فيه صورا لأكثر من 100 امرأة مسلمة هندية بارزة، من بينهن صحفيات وناشطات على أحد مواقع الإنترنت، وتم طرحهن للبيع في مزاد مزيف.
وقالت ثانيه لجريدة "تي آر تي ورد" TRT World: عندما تعلم بأنك ستتعرض للكراهية كل يوم في المجتمع، وقلبك ليس مستعدا لمواجهتها، فلا تبقى وظيفتك وعملك سهلا ومريحا لك، والحياة الطبيعية تتطلب منك جهداً خارقاً، ولذا يستغرق كل أوقية من القوة للوقوف على قدميك لمواجهته، ويلزم عليك أن تصرف كل ما في وسعك من قوة وحيلة لكي تقف وتتقدم إلى الأمام في المجتمع، بعد علمك بأن الغوغاء من المجتمع يكرهونك".
وأفادت الورقة البحثية التي نُشرت في Journal of Health Sciences -مجلة العلوم الصحية- بأن المسلمين في الهند يعانون من خطر بالغ للقلق والضيق أكثر من الهندوس. وتأكد البحث بأن الانسان يبلغ إلى هذا المستوى الصعب من العوامل المتعددة ومنها العمر، والتعليم، والتعرض لوسائل الإعلام والجنس، وكل ذلك مرتبط بشكل كبير بأمراض الصحة العقلية والنفسية.
و "بوجا بريامفادا" باحثة في مجال الصحة العقلية وناشطة للوقاية من الانتحار، في نيودلهي، أوضحت "كيف تلعب العوامل مثل الجنس والطبقية والدين دورًا رئيسيًا في تحديد الصحة العقلية للفرد.
وإنها تعتقد أن إنعدام الثقة قد انتمى بين الهندوسيين والمسلمين، الذين يشكلون معًا حوالي 94 في المائة من سكان البلاد، انتماءً كثيرًا حتى يمكن الشعور به في التفاعلات الشخصية أيضاً.
وأثناء وباء فيروس كرونا، بلغ إنعدام الثقة ذروته بأن الوباء انتشر بسبب _ حركة شاهين باغ- التي انتقد فيها المسلمون ونساءهم وأطفالهم حتى مسِنُّهم احتجاجا ضد قانون تعديل المواطنة، وبعد أعمال الشغب في دلهي، فأدت هذه الأحداث إلى تفاقم حالة إنعدام الثقة بين المجتمعات، وانعكس ذلك في كيفية وصولهم إلى الرعاية الصحية والحصول عليها.
وقد أبرز الناشطون في مجال الحقوق في الهند بشكل خاص الدور المزعوم لوسائل الإعلام الرئيسية والحكومة في نشر الكراهية.
وأوضح شرجيل عثماني، وهو ناشط من الطالب المسلمين من ولاية أترابراديش، وهي الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان في الهند، قائلا "بأنه يؤدي إلى الضيق العقلي" وأضاف شرجيل أن مشكلة الضيق العقلي معقدة ومستعصية في الحل بين المجتمع المسلم، حتى العديد منهم لا يدركون كم هم يتأثرون بالأمور من حولهم؟
وقال شرجيل أثناء حديثه مع شبكة "تى آر تي ورد" TRT Worldالعديد من الناس يأتون إلي ويقولون بأنهم لا يشعرون أي شيء بعد الآن، لا وجود للمشاعر نهائيا. ودائما أسألهم هل كانوا يعانون من هذا النوع من مشاكل الصحة العقلية أو النفسية؟ فالنصف منهم على الأقل يجاوب بنعم! والنصف الآخر يعترف بأنهم مشوشون في الأمر، وهذا هو حجم المشكلة.
وأكد عثماني بأن الجرائم ضد المسلمين يحدث يوميا في الهند، وأصبح الوصول إلى عائلات الضحايا عملاً صعباً. "نذهب إلى ضحايا جرائم الكراهية، ونجمع التفاصيل، ونحاول معرفة كيف يمكننا مساعدتهم، وأجد نفسي كأنني حجر، بلا عواطف ".
والأيمن خان، الناشطة المسلمة التي ظهر اسمها في تطبيق "بولي باي" أيضا واجهت من التجارب المماثلة؛ لأن عملها أن تتحدث مع الضحايا من جرائم الكراهية وتسجيل شهاداتهم، فليس من الممكن لها ألا تشعر آلامهم وكربهم، وأن تعزل نفسها عن الصدمة التي تسببها.
وقالت ل TRT World، لقد كنت أعالج نفسي بالعلاج والتمارين ولكن تبيّن لي بأن العلاج له الحدود الخاصة، ولا يستفاد الإنسان منه أكثر من حدوده، وإن معظم الصدمات ذات جذور عميقة، وتصل إلى أعماق القلوب، وإلى داخل النفوس، حتى لا تعرف أنواعها المختلفة وطرقها المتنوعة، التي تؤثر عليك في حياتك اليومية.
فعندما أصبحت الكراهية عميقة الجذور، وجروحها يؤذيك في كل لحظة، فكيف تفسرها أمام معالجك وطبيبك؟
ويتبين من التجارب التي يعيشها شرجيل عثماني، وثانية أحمد، وأيمن خان، بأن هويتهم ك"مسلم" وهم ذوي رأي وصوتٍ في القضايا المتنوعة، هي السبب الرئيسي وراء ما يتعرضون من الصدمات.
وقالت صدف فيدا المؤسسة والمعالجة في "Guftagu Therapy" في مدينة مومباي، "بأن الثقة لها أولوية في علاج الأمراض النفسية".
وأوضحت قائلة "من الممكن أن نفهم ذلك من مثال، فالنساء تفضل المراجعة مع الطبيبات أو المعالجات لكي يحدثن معهن جميع التفاصيل، وخاصة لأن الطبيبات يتعاطفن معهن، وهن والطبيبات من جنس واحد، ومشاعرهن وعواطفهن لا تختلف من الأخرى. وإذا يشعر أحد بأن الهندوسية من الطبقة العليا لا يقدر على فهم ما أعاني وأواجهها فيرغب في استشارة طبيب مسلم. وانتقدت صدف على مناقشات تذيعها القنوات الإخبارية الرئيسية في الهند، حيث يتحدث النشطاء فيها دائما على موضوعات مثل كراهية الإسلام الصارخة، ويُبيِّنون حقائقها.
وأضافت "نحن في زمن كثر فيه عدم الثقة بالذات، وفقدان الوظائف، ومثل هذه المناقشات على البرامج التلفزيونية تمنحهم الكراهية بدلا من الإجابات على مشاكلهم.
ووِفقًا للبيانات التي نشرتها Equality Labs، ظهرت كلمة CoronaJihad، "جهاد الكرونا"، وهو مصطلح يشير إلى الحركة الإسلامية التبشيرية التي اتُّهمت بنشر Covid-19 في الهند خلال الحظر الأول في مارس 2020.وعلى الرغم من أنه يمكن المناقشة على صداقة الإحصائيات المتعلقة في هذا الشأن، إلا أن مثل هذه الحوادث تظهر بوضوح بأن كيف يمكن أن يؤدي استخدام مثل هذه المصطلحات إلى إثارة التوترات السياسية، وتعزيز العداء ضد مجتمع معين، وخاصة خلال الوقت الذي يمر فيه العالم بأكمله من الوباء المهلك.
ومثل هذه المحتويات المعادية للإسلام المنتشرة عبر الوسائل المختلفة تؤثر على المراهقين المسلمين، وعلى مزاجهم ونفسيتهم وعلى صحتهم، مهما انتقدوا عليها.
وقالت أيمن: "المراهقون اليوم أكثر وعيًا بهويتهم مما كنا عليه عندما كنا مثلهم في العمر، لأن المراهقين اليوم لديهم العالم بأكمله على شاشاتهم". "وبالتالي فهم يتعرضون لمثل هذه المستويات البغيضة من الكراهية في وقت مبكر".
وكما وصفته ثانيه أحمد بأن المسنين من المسلمين أيضا غير بعيدين من أثر "تعميم الكراهية".
وقالت "يشاهد آباؤنا الآن بأن الأشخاص الذين نشأوا معهم اليوم هم يؤيدون الأيديولوجية التي تسعى إلى إبادتهم فتحطمت ثقتهم. فتخيل عما هم يعانون في هذا العمر.
الملاحظة: الآراء المعبّرة آراء المؤلف فحسبُ
المصدر: