HATE /الصفحة الرئيسية
كانت الصحف الوطنية، على مدى السنوات الخمس التي قضاها أديتي ناث كرئيس لوزراء ولاية أترا براديش، ممتلئة من أخبار الاعتداءات المتنافرة ومن عناوين الادعاءات بـ "جهاد الحب" - نظرية المؤامرة التي تدعي أن الرجال المسلمين يتزوجون من هندوسيات لكي يجبروا هن على قبول الاسلام كدينهن.
قبل أربعة أشهر، عندما ذكرت الصحف أن رجلاً مسلمًا قد تحرش بامرأة هندوسية في السوق المحلي من مدينة ميروت، فكان يبدو لي مجرد حالة الأخرى من هذا القبيل ولكن عندما تأملت في الأمر من قريبٍ، ظهر الموقف المميّز الذي اتخذته المرأة وعائلتها التي اصرت على أن الرجل المسلم هو أحد معارفها ولم يرتكب شيئا من هذا القبيل.
ورفضت الفتاة وعائلتها، رفع دعوي القضائية ضد الشاب المسلم، وأصبحت مثل هذه الشجاعة والصداقة نادرة في المناخ السياسي السائد اليوم.
العقوبة القسرية
في 21 سبتمبر، نشرت صحيفة "أمر أجالا" الهندية البارزة مقالاً بعنوان "في سوق غول، تعرضت طالبة للتحرش، فتعدت على الشاب صفعًا"
وأفادت المقالة بأن المرأة كانت تتناول مشروبًا باردا مع صديقتها عندما تحرش بها رجل. وعند سماع ذلك، سارع بعض الرجال من جمعية الهندو جاغرن مانش، المنتسبة إلى حركة آر ايس ايس، إلى مساعدتها. ولكن كانت قد قبضت بالفعل على المعتدي وكانت تضربه مع نعال لها فشاركوا معها في الضرب.
ويحدد التقرير بأن اسم الرجل كان سلمان، وحيث يشير إليه مراراً وتكراراً باعتباره عضواً في "المجتمع الآخر". وتحتوي المقالة على عنوانٍ فرعيٍ بالخط العريض يدعي أن الرجال المسلمين يضايقون النساء الهندوسيات في السوق بانتظام. والدليل على ذلك هو اقتباس من عضو جمعية "هندو جاغرن مانش".
كسب ثِقة الأسرة
ولم يكن من السهل اطلاع على مكان الفتاة وعائلتها وكسب ثقتها كان أصعب من اللقاء.
وكانت الأسرة تخوف عنى وتزعم بأنني "مبعثٌ سريٌّ" لجمعية "بجرنغ دل" أو ل" هندو جاغرن مانش". (ووالدة إحدى الفتيات تتبادل أسماء المجموعتين مرارًا وتكرارًا.)
وأخبرت العائلة بأننا "كنا نشك فيك لأنك صحفي أم لا" وكانت والدة المرأة غضبان على الصحفيين ولكن عندما تحدثنا قليلا بدأت تهدأ غضبها من الصحفيين وقالت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تلقينا زيارات لا تنتهي من جمعية "بجرنغ دل" و "هندو جانغرن مانش" أو أيا كان هؤلاء من خدّاعين باسم الدين وهم عرضوا علينا المال لرفع دعوي القضائية ضد الولد المسلم وأيضا هددونا عندما رفضنا به".
وبعد قليل شاركت الفتاة في حديثنا كما هي كانت حريصة على تسجيل الأمور في نصابها، فسئلت مني "هل ستكتب تفاصيل الحادث في إحدى الصحف فمن فضلك سجِّل تسلسل الأحداث كما هي وقعت وأضافت بأنها لم تكن تعرف "سلمان" المتهم لتحرشها وهو كان في نفس الكلية مع صديقتها المقربة التي تعيش في جيرانها وسلمان لم يكن يتجول في السوق بحثًا عن فريسة كما يحكي عنه الصحف والجرائد. وأضافت بأن سلمان توقف فقط عندما رأيناه وكنا نتناول مشروبًا "بيبسي" فقط معًا ومن يرفع قضية على مشروب؟ انه جنون!
مكافحة ردود الفعل العنيف
وقاومت النساء أيضًا ردود الفعل العنيف، وحتى في داخل أسرهن بعض الأحيان وكما يشتغل الأخ الأكبر للشابة في ولاية البنجاب، فقبلهن اتصل به أعضاء جمعية "هندو جاغرن مانش" وبالغوا في حديثهم قائلين بأن أخته تجلب العار إلى الأسرة.
وأخبرت والدتها التي وقفت معها وقفة قوية "اتصل بي ابني وهو كان غضبان فصرّخ عليّ لأنه كان لا يعرف إلا ما بّلغه أعضاء الجمعية فاتهمني بمنح أخته الحرية الكثيرة وأضافت الفتاة التي تدرس الكمبيوتر بأن زوجة أخيها أيضا استهزأت أمي قائلة "بأن الحادث وقع من سبب ذهابي للدراسات العليا".
وأمها كانت جالسة صامتة، فخاطبتنا "كان لدي ست بنات قبل أن يولد الولدان، فكمّلت الدارسة لكل واحدة منهن ولم أكن أنجح أبدا إذا تركت الخوف يتغلب عليّ". ولكن يبدو أن منظمات الهندوتفا، بخلاف الإسلاموفوبيا، ترغب في إثارة مثل هذه المخاوف، وتستخدم هذه الحوادث كوسيلة لحد حرية المرأة في مجتمعها لكي تقيد وصولها إلى التعليم العالي.
وإن السياسة التي تقود مثل هذه الحوادث لا تغفل عن النساء لأنهن يشرحن كيف تندلع هذه الحوادث لتكثيف المشاعر المعادية للمسلمين. وقاطعتنا أكبر البنات الست، الحاصلة على ماجستير مزدوجة في علم الاجتماع واللغة الهندية، وهي تحمل صحيفتين، "لا أصدق ما يُنشر كل يوم" وأضافت "بأنهم يستخدمون أي شخص حتى نسائهم لتقسيم الهندوس والمسلمين. ومن الصعب إقناع الأب بعدم أخذ هذه الأخبار على محمل الجد."
والنقاش حول السياسة دَفعَ البنت المتورّطة في الحادث إلى المحادثةِ وسألتني هل التقي مع سلمان. وقالت "الناس يشكون بأنها كانت العلاقة بيني وبين سلمان". و"يتساءلون لماذا أنا قلقة عليه؟ إنّ الحقيقةَ هي بأن سلمان هو بريءُ، وهو لم يتوقف لمقابلتنا إلا عندما رقبناه. ولكن حتى والدي وأعمامي يشعرون بأنني لا ينبغي أن أكرر ذلك".
وقالت الأسرة تمكنّا على البقاء مع الحقيقة بكل قوة لأننا تلقينا دعما شاملا من الشرطة المحلية، ولا سيما ضابط مركز الشرطة في مركز شرطة الخطوط المدنية الذي كفل تسجيل شهادات النساء أمام قاض.
تصاعد انعدام الأمن
والتقيت مع عائلة سلمان أيضا وأخبرت أمه "بأننا شعب عائلي، ونحظى باحترام فائق في هذه القرية فعندما اتصل بي ابني الأكبر وخابرني بأن الشرطة نقلت سلمان إلى محطة الشرطة فكادت أن أفقد الوعي من هذا الخبر المفاجئ".
وقالت معترفة باننا تلقينا دعما بالغًا من أصدقاءنا وجيراننا وأضافت بأننا من عشيرة مسلم راجبوت ونتمتع بعلاقات قوية ووثيقة مع الهندوس والعديد منهم تحدّثوا دعمًا لسلمان".
وخلال المحادثة كان سلمان جالسا بهدوء فقام لمساعدة والدته في المطبخ وحضر لنا الشاي وتحدث معنا قليلا بأنه سعيد لأن الفتيات قلن الحقيقة. وأفاد "بأن البنات انقذتني وإلا لا اعرف ما كان سيكون مصيري" و "في صفوفنا يدرس طلاب وطالبات هندوسية معنا، بالتأكيد ليس من جريمة أن نقول لهم مرحبًا. لم تكن الأمور بهذا السوء ".
والتقيت مع سيروحي من جمعية " هندو جرن منج" عندما سألته عن شهادة المرأة، أجاب: "لم أهتم كثيرًا بهذه الطريقة"، قال سيروحي. "إنها فتاة، إذا أرادت مكافحة القضية، دعها. لذلك سيكون عليها أن تأتي إلى المحكمة. اليوم، رفعوا دعوى القضائية ضدنا ولكن غدا عندما تتزوجونها، سيعانون ".
وسيروهي يهدد علنية ولكن تهديداته لا تفاجئ أحدا في دولة ترتبط فيها منظمات هندوتفا ارتباطًا مباشرًا بالنظام الحاكم و"لكن ما صدمت النساء به هو دور وسائل الإعلام كما فإنها ليست من منظمات هندوتفا فلماذا لا تنقل الحقيقة"؟
الملاحظة: جميع الأفكار والأخبار والآراء المنشورة على الموقع هي آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من هذا الموقع
المصدر: