POLICIES /الصفحة الرئيسية

الأخ "شرجيل إمام" في السجن من 535 يومًا بموجب قانون الإرهاب (UAPA) المقابلة الهاتفية معه

مهندس البرمجة قلّب المنهجية لفهم السياسة الحديثة، "شرجيل إمام" البالغ من العمر 33 عامًا، مُتَّهَم بموجب 73 بندًا من القانون في القضايا المرفوعة ضده من قِبل قوات الشرطة من خمس ولايات في الهند.

وفي مقابلة هاتفية مع جريدة "Article 14" من سجن "تيهار" قال شرجيل إمام المعارض السياسي، " تم احتكار السلطة السياسية في الهند وأحد أبرز الجوانب لهذا الاحتكار هو الطبيعة المعادية للمسلمين". وشرجيل أُدخل في السجن دون أية محاكمة لمدة 535 يوماً، ويواجه مجموعة من القضايا الجنائية ضده.

شرجيل حصل على الماجستير في علوم الكمبيوتر من المعهد الهندي للتكنولوجيا - بومباي، وهو طالب الدكتوراه في جامعة "جواهر لال نهرو-دلهي" وقد اتُهم شرجيل بموجب 73 من البنود القانونية، بما في ذلك إثارة الفتنة والإرهاب، وتم رفعهما لأول مرة في 25 يناير 2020 من قِبل قوات الشرطة من خمس ولايات في الهند.
واتخذت الشرطة إجراءات ضده بعد تداول مقطع فيديو لخطاب ألقاه في "جامعة علي غرة" في ولاية أترابراديش في تاريخ 16 يناير عام 2020، أمام مجموعة من الطلاب والمتظاهرين، فشاورهم في" قطع ولاية آسام عن الهند" ولكن هو لم يكن يطالب منهم إلا أن يحاجزوا طريق ولاية آسام احتجاجا على قانون تعديل المواطنة، CAA.

ما هو أول فكرة جاءت في بالك عندما أدركت التهم الموجهة إليك؟

كان هناك لحظتان للتفكير. أولا، في يناير عام 2020 عندما تم اعتقالي بتهمة إثارة الفتنة، ولم أكن أتوقع أنه سُجِّلت خمسة FIR في خمس ولايات في نفس اليوم. بل كنت أتوقع بعض ردود الفعل من الدولة تجاه احتجاجاتنا، وخاصة في منطقة شاهين باغ. وكنت قد توقعت بعضا من هذا في أوائل شهر يناير، خاصة عندما تحدثت وكتبت عنه. وكان اعتقالي هو بداية التصادم، فخطر في بالي بأن موعد الانتخابات في دلهي يقترب، فهم لا محالة يحاولون إحداث الاضطراب الطائفي لكي يستفيد منه السياسيون ويلعبوا لعبتهم الماكرة.
وثانياً في شهر أغسطس عام 2020 ، بعد ستة أشهر، عندما تم اعتقالي متهما في "أعمال الشغب في دلهي"، فإنني كنت مسجونا في سجن "غوهاتي" وقت حدوث تلك الحادثة، ولذا عندما رُفعت تهمة الشغب عليّ واتهموني بموجب-UAPA وهو قانون خاص بالإرهابيين، و"الكفالة" ممنوعة فيه، أدركت حق الإدراك بأن الحكومة قررت أن تجعلنا مثالا وعِبرة للعقوبات، فبند من البنود من القانون IPS يعطي الجوازا لهذا الاحتجاز باسم إجراءات احتياطية لمنع الفتن، وأعتبرها بأن الحكومة تستغلّ

 هذه القوانين لتخويف الشباب المسلمين الواعين والمتعلمين حتى لا يتجرؤوا الوقوف ضد الحكومة ولا يعلوا أصواتهم لحقوقهم.

ما الذي دفعك للاحتجاج؟

ما الذي دفع الملايين إلى الاحتجاج بجانبي؟ "الوعي والإدراك" بأن هذا النظام السياسي أصبح معاديا للمسلمين بشكل غير طبيعي، وأن السلطة والحكومة قد اُحتكِرت في أياد معدودة، وأعتبر بأن العام 2019 كانت نقطة فاصلة، فاز فيها حزب "بهاراتيا جاناتا" مع أغلبية كما فاز حزب "المؤتمر الوطني-كانغرس-" في عام 1984، ولكن هذه المرة زادت الهجمات والاعتداءات على المسلمين في مناطق شتى، كإلغاء المادة 370، وصدور الحكم في قضية المسجد البابري، وإصدار قانون مكافحة الفساد، إلخ. ويبدو بأن المسلمين يتعرضون لتصرفات غير ملائمة، وأنا أكتب عن طبيعة هذا النظام السياسي منذ بضع سنوات إلى يومي هذا، لأنها يهمني واتأمل فيها بنظر غائر.
ففي عام 2013 تركت وظيفتي العادية كمهندس البرمجة، وانشغلت في دراسة التاريخ، واستقلال الهند وتقسيمها، ومناهجها تجاه الأقليات، والمقارنة بين حقوق الأقليات، والفيدرالية والانتخابات وما إلى ذلك. وبعد عامين من تمحيص الموضوعات المذكورة والمتشابهة وقراءة الأفكار والنظريات، وصلت إلى أن هذه المصطلحات ليست إلا أسماء مجردة، ويمكن أن يتجاوزها أي حزب قوي، سواء كان كانغرس-المؤتمر الوطني- أو حزب" بهاراتيا جاناتا"، ومع كل ذلك استقلال القضاء أيضا يتعرض للخطر، ويوشك أن يركع أمام الحكومة.
ففي الحقيقة، العيوب الجوهرية في التكوين الدستوري للهند، خاصة في الآونة الأخيرة، دفعتني إلى الاحتجاج، وقانون تعديل المواطنة أجبرني على التحدث والحوار في الشوارع، وحصلت على الفرص الجديدة لأن أناقش على العيوب في النظام، فمثلا كيف جاء هذا القانون؟ وكيف يُنفذ؟ وماذا يؤثر على حياتنا وحياة أجيالنا القادمة؟ وكيف أمكن إلغاء مادة 370؟ وكيف ظل الإنترنت مغلقا لأشهر في المناطق المعينة؟ وهل هناك خطأ جوهري في هذه النُّظُم؟

مع كل هذه الأنواع من القضايا المرفوعة ضدك، هل تعتقد أن الهند تقيد حرية التعبير؟

هناك جانبان لحرية التعبير، أساسي وثقافي، وعلى القضاء أن يؤدي دوره للحفاظ على حرية التعبير، ولكن مع الأسف، إحتكار المركز لحزب أو لعصبة أو لجماعة يؤثر على القضاء بشكل واضح، فيجب معالجة هذا الضعف الأساسي.
ويجب على هؤلاء الذين يعرّفون أنفسهم كليبراليين، وديمقراطيين، ويحملون أي فكرة سياسية، أن يفحصوا هذا النوع من القومية أو القومية المفرطة فحصا كاملا شاملا. ولذا أتحدث ضد القومية باعتبارها "أيديولوجية" فهو يكبح التفكير وحرية التعبير.
في الخمسينات والستينات، كان الاشتراكيون مثل "رام مانوهار لوهيا" يكتب المقالات للصحف الرئيسية التي تدعم حق كشميريين في تقرير مصيرهم: فهو كان يستطيع أن يكتب على هذه القضية ولم يكن يؤثر ذلك في كونه زعيماً في شمال الهند. وكان بوُسع "جيوتي باسو" رئيس وزراء البنغال الغربية السابق أن يدّعي الحياد (والحياد: عدمُ الميل إلى أي طرفٍ من أطراف الخصومة) فيما يتصل بالصراع الهندي الصيني في عام 1962. فكان يُمْكِنُ له أَنْ يَقُولَ: "بأنّني لا أَعْرفُ ما الذي يَحْدثُ هناك في همالايا". فهذه الأشياء تبدو الآن مستحيلة.

هل تظن بأن اعتقالك يستهدف نزع الشرعية عن الاحتجاجات المضادة "قانون تعديل المواطنة"؟

نعم، كما قلت سابقاً، بأن اعتقالي كان بداية التصادم. فهم يريدون أن يظهروا أن هؤلاء المتظاهرين كانوا خونة، وهم ضد الأمة وضد الحكومة أيّاً كانت، فاستهدافي كان بمثابة استهداف شاهين باغ. وكنت قد توقعت هذا في يناير عام 2020، فعندما دعوت لرفع حاجز الطريق حتى تنتهي انتخابات دلهي، فالعديد من الناس وصفوني بالخائن للقضية. وعلى أي حال، انتقلت إلى ولاية بيهار، وتحدثت

في ولاية أترابراديش وولاية البنغال.
ومن العجب! رُفعت التهمة عليّ من أجل خطاب قد ألقيته في "علي غرة" من ولاية أترا براديش، فاعتقلوني من ولاية "بيهار" من أجل استهداف الاحتجاج في دلهي، وفي نهاية المطاف اتهموني بالتآمر في أعمال الشغب في دلهي التي اندلعت بعد شهر من اعتقالي.
ونشروا الإدعات الكاذبة عليّ، وأذاعوا عني بأنني مسلم متعصب يقود الحشد الأميين، ولكن إذا سمع أحد إلى خطاباتي، سيجد فيها الموضوعات المماثلة لــ "كيف نواصل الاحتجاج بعيدا عن العنف" و"حقوق الأقليات" و"الانتخابات في إطار ديموقراطي".

هل ندمت يومًا على كونك صوتًا نشطًا للأهداف التي تؤمن بها؟

لا، أبد! أنا لست نادما على ذلك. ولكن نعم، هناك خطوات محددة كان بإمكاني تجنبها أو اختيار البدائل لها، ولكن فيما يتعلق بالمسار العام لحياتي، فأنا لست نادما على ذلك على الإطلاق. تخرجت من "المعهد الدولي للتكنولوجيا" في بومباي، ثم التحقت بـ"جامعة جواهرلال نهرو نيو دلهي"، لكي أُصبح مؤرخا. فأخذت القرار الأخير وحددت مسار حياتي، ولو شكك الناس في قراري بالتخلي عن الوظيفة المربحة من أجل قراءة التاريخ وكتابته، فليقولوا ما يريدون، وليفكروا ما يحلو لهم.
إن قضية مسلمي الهند- وهم أكبر أقلية دينية في الهند-، تتعرض للمسائل الصعبة، ففي سجن "غوهاتي" خاطبني ضابط يوما قائلا: "أنت خريج علوم الكمبيوتر من معهد المعلومات الدولي IIT والآن في السجن"، فجاوبته: "أنا سعيد" فلم يفهم ردي حينئذ، ولكنه فهمه فيما بعد، فكلماتي وصلت إلى جمهور واسع النطاق، ونتائج كل هذه السنوات من التفكير والقراءة والكتابة قد وصلت إلى الملايين، فما الذي يدعوني إلى الأسف والندم؟ لا مكان للندم في صحبتي، وأنا أعلم الحقيقة، وهي أنه عندما يحتج ويتظاهر الملايين فالمئات يدفع الثمن لا محالة.

هل تعتقد أن الوطنية قابلة للقياس؟ وكيف تثبت وطنيتك عندما تواجه UAPA؟

الوطنية مصطلح غامض، ولا جدوى من إثبات إن كنت أمتلكه أو لا، فالأفضل أن أُثبت بأنني صادق، وبدلا من أن أتحدث عن الوطنية الغامضة، أفضل لي أن أتحدث عن حقوق الأقليات الدينية مثل المسيحيين والسيخ والمسلمين، وحقوق الأقليات اللغوية، وحقوق غيرهم، ولا أودُّ أن أُسمّى وطنيا بل الأفضل أن أسمي نفسي ديموقراطيا، وفي نفس الوقت أنا مسلم وأرغب في فهم التاريخ الإسلامي.

الملاحظة: الآراء المعبرة هي آراء المؤلف فحسبُ

المصدر:

Take Me Top