POLICIES /الصفحة الرئيسية

تقف الولايات المتحدة على مفترق طرق حول علاقتها بنظام مودي مع حظر كرناتاكا للحجاب

في 11 فبراير، سفير أمريكا المتجول للحرية الدينية الدولية، رشاد حسين، أدان حكومةَ ولاية كارناتاكا لحظرها ارتداء الحجاب في الفصول الدراسية. وكانت تغريدة السفير هي أول بيان رسمي - وحتى الآن الوحيد - لمسؤول حكومي أمريكي بشأن قضية الحجاب.
وكما عبّر الرئيس السابق أوباما في كلمات جليةٍ بأن "الشراكة المميّزة" بين الولايات المتحدة والهند تستند إلى الأساس المعلن للديمقراطية الليبرالية المشتركة التي يعجب بها الجميع. وتيقّن رئيس الوزراء للهند نريندر مودي عِدة مراتٍ في خطابٍ ألقاه عام 2016 أمام الكونغرس الأمريكي بأننا نلتزم التعهدات المشتركة للحرية والخيار الشخصي بين ""أكبر ديمقراطية في العالم" و "أقدمها".
وهذه المعتقدات المعلنة تضمّن حرية الممارسة الدينية والتعبير التي اعترف بها التعديل الأول للولايات المتحدة وأيضا معترف بها في المادة 25 والمادة 26 من الدستور الهندي.
المسلمون المستهدفون بشكل خاص
وفي هذا السياق، رسالة السفير واضحة، بأنه يجب على نظام مودي ألا يجهد التزاماته الأيديولوجية الديمقراطية الليبرالية وألا يبتعد عن تمسكه الدستوري بالحرية الدينية، للحفاظ على التأكيد المستمر للولايات المتحدة.
ولكن المحامي العام لولاية كرناتاكا "برابهولينع نفادجي" قدّم أمام المحكمة تفسيرًا أفاد فيه بأن المادة 25 والمادة 26 تحميان "الممارسات الدينية الأساسية" فقط وليس ديناً بأكمله. ويكشف نقاش المحامي العام وحججه بأن التنوع في الأحكام -حيث يمنح الفقه الاسلامي خيارين للتصرف- سيتعرض لقلقٍ في المستقبل للتعبير الإسلامي في الهند.
ويؤكد المحامي نفادجي إذا كانت ممارسات مثل الحجاب تعتبر غير أساسية للإسلام، فإن محكمة كرناتاكا تشير إلى أنه لا يمكن حمايتها بموجب الدستور. ومع ذلك، إذا ثبت أنها ضرورية وِفقًا لمعايير المحكمة، فلا بد من تعيينها وإخراجها من المجال العام.
وقد سعى المحامي العام إلى وضع هذه المسألة على أنها قضية علمانية. وهو يتجنب تحديد الإسلام أو الإسلاميّ لصالح ادعاءات واسعة بشأن مكان "الدين". ويدعي أن الكليات هي مؤسسات علمانية، حيث يحضر الطلاب للتعليم - لا للتعبير عن دينهم. وعلى العكس، يجب أن يكون الدين مقصورا على المجالات التي ترتبط بشكل مشروع بالدين.  
ومع ذلك، الحجاب وحده الذي تعرض للمعارضات والانتقادات في هذه الجلسات ولم تُعرض أمام المحكمة العليا، العمامة ولا البندي (الدائرة الحمراء وذات ألوان مختلفة تضعها الفتات الهندوسيات على الجُبُن) ولا أوشحة زعفرانية ارتدها الطلاب محتجين ضد زملاءهم المسلمين. ولو يدعى نافادجي أنه يدافع عن علمانية واسعة النطاق للنظام التعليمي الهندي، ولكنه نفس الوقت يطالب وضع القانون على الملابس الإسلامية فقط في الكليات.
وما يصفه النافادجي بالعلمانية -يمكننا أن نشاهد محاولاته لتقييد وطرد الاسلام من مجالات عامة باسم العلمانية- وكما يزعم المحامي العام بأنه شرط أساسي لبناء الهند "قوية وموحدة". ولكن هذه المزاعم العلمانية، حين تفرض قوة الدولة على المسلمين فقط، ليست علمانية على الإطلاق، بل إنها مجرد معادية للمسلمين.
والقيود المستهدفة على الحجاب تكشف أيضًا عنصر جنسي في القضية. ويُظهر قرار المحكمة بحظر الحجاب الذي ترتديه معظم النساء، دفعة تمييزية محددة من قِبل حكومة ولاية كرناتاكا لسيطرة على حياة النساء والفتيات المسلمات ولتقييدها.
وهذا يتناقض تناقضا مباشرا مع السرد الذي يحاول "حزب بهارتيا جانتا" بناءه حيث يقدّم نفسه كمحرّر نسائي للمرأة المسلمة المستضعفة كما يزعمون بأنها اُضطهدت على يد الإسلام نفسه.
التصاعد في الاستبداد
وبينما اتخذ مودي منصات لتواصل الاجتماعي محذرًا "بأنه يمكن أن يبتدع معارضيه طُرقا جديدة لمنع حقوق المرأة المسلمة وتنميتها ويمكن لهم أن يخادعوا الأخوات المسلمات لدفعهن إلى التراجع في حياتهن" بينما أصدر أمينه العام الوطني بيانات تقسّم السكان المسلمين إلى "أصوات عقلانية" -يعد في هذا القسم المسلين الذين يؤيدون حزب بهارتيا جانتا ومنهم من يعبّرون عن رأيهم ضد ممارسات معينة اسلامية- و إلى المسلمين "المناهضين للإصلاح" ويعتبرون أنفسهم "المصلحين" وحيث ناقش كبير المحامين "بوويّا" أمام المحكمة العليا بأن الاسلام قيّد الفتيات المسلمات بالحجاب.
ويُعتبر هذا التقييم الذاتي لحزب بهارتيا جانتا باطلا لا أساس له حيث يزيّنه الحزب بكلمات خطابيّ للتحرر النسوي والحزب يجري حملة من العنف والقمع ضد النساء المسلمات في البلاد.
ومن جهة أخري، إن النظام يسمح التصاعدَ في الاستبداد والمعاديَ المتناميَ للنساء الذي يقيم عليه الهندوس القوميون- في داخل الحكومة وخارجها- ومن سببه تعرض النساء المسلمات لمضايقة والاعتداء عليهن، والدعوات علنية إلى تعقيمهن الجماعي مع إفلات من العقاب. وتتصاعد القوانين التي تقيد التعبير والممارسة الإسلامية وحظر الحجاب في ولاية كرناتكا هو النمط الأحدث فحسبُ.
وتأكدت الولايات المتحدة مجدّدًا من خلال السفير حسين، التزامها المعلن بحرية الدين. ولكن هذه الإجراءات مزينة بالكلمات الرائعة فقط كما بأن نظام مودي ثابتٌ على سبيله والولايات المتحدة واقفة على مفترق طرق. وممكن أنها قد زادت الولايات المتحدة عن البديهيات وقد انطبقت ضغوطًا سياسيًا حقيقيًا على الهند أو تواصلت في إصدار كلمات معارضة ضد قمع المسلمين في الهند مع غض بصرها ولو لا يمكن لها أن تغض البصر عن تهديدات متصاعدة يعرض لها مسلمون في الهند.

الملاحظة: جميع الأفكار والأخبار والآراء المنشورة على الموقع هي آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من ١٢أمة.
المصدر: سكرل إندا

Take Me Top