POLICIES /الصفحة الرئيسية
تضمنت المداولات الأخيرة للتعرف على أسباب التصاعد وانتشار أيدولوجية الهندوتفا في الهند بشكل كبير حول التحليل الثقافي بشأن زيادة الوعي الهندوسي المتزايد أو التحليل السياسي حول زيادة المقاعد في الانتخابات. ولكن الجانب المهم من تحليل الاقتصاد السياسي كان مفقودا والذي ساهم بشكل كبير في ظهور فكرة ثقافة الأغلبية. صدر كتاب أخيرأ بإسم Gujarat: Cradle and Harbinger of Identity Politics: India’s Injurious Frame of Communalism ، يملأ هذا الفراغ ويسد الفجوة بهذا الصدد والذي ألفه كل من السيد جان بريمان وغانشيام شاه.
يعتبر السيد بريمان عالما أنثروبولوجيا شهيرا، حيث يتمتع السيد شاه بسمعة طيبة كعالم سياسي معروف. تركز مقالات السيد بريمان على ديناميكيات الطبقات المختلفة من المجتمع بينما تسلط السيد شاه الضوء بشكل أساسي على نظام الطبقات الاجتماعية. ومن ثم يقدمان معًا مجموعة ثرية من التحليل التجريبي والتاريخي على هذا الموضوع. يعتبر كتابهم مجموعة غنية من المقالات يمكن أن نعنون بالاقتصاد السياسي لأيدوبوجية الهندوتفا. يتضمن الكتاب المعلومات المفيدة التي تم جمعها أثناء وبعد أعمال الشغب المختلفة والاضطرابات الطائفية في ولاية غجرات.
يركز التحليل فيما يتعلق بالطبقات الاجتماعية على العلاقة بين تزايد إضفاء الطابع غير الرسمي للوظائف وأعمال العنف من قبل المتورطين في المذابح المعادية للمسلمين. وركزت السياسات على منطق الداروينية الاجتماعية لنموذج التنمية. يفيد السيد بريمان بأن السياسة المستمرة للحركة النقابية الهندية بعدم مشاركة عمال القطاع غير الرسمي تعتبر خطأ تاريخيا.
يشير الكتاب إلى التحولات في استراتيجية منظمة آر إيس إيس وحزب بهارتيا جاناتا من أجل زيادة تمثيل الطبقة الهندوسية، والتي تحولت بعد عام 1985م إلى أجندة أكثر عدوانية ومعادية للمسلمين حيث تم ضم الطبقات المتخلفة تدريجياً في إطار الهندوسية. وكانت السياسات المعادية للمسلمين واضحة في أعمال العنف بالإضافة إلى تبني استراتيجية لاستبدال العمال المسلمين بالعمال غير المسلمين في المجالات المختلفة، وكانت هناك دعوات علنية للمقاطعة الاقتصادية للمسلمين.
وقعت هذه التغييرات الصامتة مع إجراء الإصلاحات الاقتصادية التي عززت ظاهرة العمالة في القطاع غير الرسمي حيث العمال هنا لا يتمتعون بضمان اجتماعي. أدى انعدام الأمن الاقتصادي إلى تدهورالوضع الاجتماعي. ساهمت هذه الأوضاع في مصير ولاية غوجارات لإرساء أساس متين لإنشاء الهند كدولة هندوسية.
تطرق الكتاب إلى مناقشة الموضوعات الأخرى والتي تشمل الطبقات الاجتماعية وطبقة المنبوذين والداليت والأديفاسي والطبقات المتخلفة الأخرى والهندوتفا.
في سياق الاستقطاب الطائفي، يناقش السيد شاه قائلا بأنه لم يتضح بعد ما الذي جعل طبقة الداليت معادية للمسلمين. إنه يرى بأن حدث هذا التغير بسبب التلاعب مع المشاعر حيث تلاعب حزب بهاراتيا جاناتا بتعاطف الداليت وقدم لهم بعض الراحة خلال فترة أعمال الشغب في غوجارات عام 2002م. وفي أعقاب هذه الاضطرابات الطائفية بدأت طبقة الداليت المتواجدة في مدينة أحمد آباد تقترب من حزب بهاراتيا جاناتا ومنظمة آر إيس إيس.
يقدم السيد شاه والسيد بريمان في هذا الكتاب رؤى ثاقبة حول بداية القومية الثقافية والوعي المجتمعي وجذورهما المادية والتي تعتبر أمرا ضروريا لفهم أيدولوجية الهندوتفا في العصر الراهن. يشير الكتاب وذلك من الناحية التاريخية إلى مناظرات ماهاتما غاندي وبي آر أمبيدكار باعتبارها أساسية للتحقق من نفسية الأغلبية.
وإن الوضع الحالي هو نتيجة الجانب السلبي لاستراتيجياتهم ومبادئهم. أدت أساليب غاندي إلى إصلاح اجتماعي فاتر وفشلت في خلق روابط كثيفة بين المجتمعات. ومن ناحية أخرى، أعطى أمبيدكار الأولوية للسلطة السياسية للطبقات المتخلفة دون التغيير الاجتماعي وكانت النتيجة تواجد تمثيل سياسي بدون أجندة اجتماعية.
يؤكد الكتاب على أنه يجب المقارنة من أجل تفهم الاقتصاد السياسي في ولاية غجرات الصناعية بانتشاره في ولاية أوترا براديش غير الصناعية. تشمل ولاية غجرات إلى جانب ولاية أوتار براديش، إلى حد كبير على الواقع الاجتماعي لعموم الهند باستثناء عدد قليل من الولايات في الجنوب والشمال الشرقي من البلاد. انتقل العمال في ولاية غجرات من القطاع الرسمي إلى القطاع غير الرسمي وفقدوا الضمان الاجتماعي، بينما شهدت ولاية أوترا براديش تخلفًا راسخًا ونقصًا في البنية التحتية الأساسية والمرافق المدنية. وقد خصص حزب بهاراتيا جاناتا عدة مشاريع وخطط رفاهية بما فيها من خلال توزيع حصص الإعاشة المجانية. توضح هذه الأوضاع بأن منظمة أر إيس إيس في حاجة إلى أن تكون مرنة في سياستها.
ومشكلة الأحزاب السياسية العلمانية والنشطاء الاجتماعيين هي عدم قدرتها على التحلي بالمرونة. من الجدير بالذكر بأن تكون مرنًا لا يعني بالضرورة عرضة للتلاعب، ولو أن توجد هناك إمكانية كما هو حال معظم الاستراتيجيات اليمينية. نحن بين الخطاب العلماني غير المرن ومرونة اليمين غير الأخلاقية. يحتاج العلماء المتميزون مثل مؤلفي هذا الكتاب إلى التفكير فيما يمكن أن تحل هذه المشكلة العويصة.
الملاحظة: جميع الأفكار والأخبار والآراء المنشورة على الموقع هي آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع.
المصدر: