RIOTS /الصفحة الرئيسية

الاضطرابات الطائفية في بومباي - الجزء الثاني

الاضطرابات الطائفية في بومباي - الجزء الأول
يعرب قليل من الناس عن ارتياحهم حينما ينظرون إلى الماضي وذلك بعد خمسة وعشرين عامًا من أعمال الشغب في بومباي، ويعتبر الأستاذ فيروز أشرف واحدًا من هؤلاء الناس. يمكن أن نرى التغيير في ديموغرافية منطقة مالاد حيث تحول جوار هذه المنطقة من حي مختلط من سكان المسلمين والهندوس إلى منطقة بأغلبية مسلمة. ولكن الصحافي والكاتب فيروز أشرف يعلن نفسه فائزا في خضم كل هذه التغيرات. يؤكد السيد فيروز البالغ من العمر ٧٧ عامًا على هذا الفوز وهو يبتسم ابتسامة عريضة وجالسًا في مكتبه مكتظًا بالملفات والصور.
يفيد بأنه سنحت له الفرصة لفهم محنة المسلمين وأوضاعهم من قرب. عندما انتقل ليسكن هنا في عام ١٩٩٤م بعد أعمال الشغب، رأى من عينيه أوضاع الفقر والتخلف للمسلمين وتأثر كثيرًا، وبدأ يدرس الأطفال في عام ١٩٩٧م، بعد أن وجد أن الغالبية لا تستطيع تحمل تكاليف التعليم.
بدأت عملية التدريس عندما فشلت ابنة حارس المبنى الذي يعيش فيه في الامتحان حيث التمس الحارس منه بتدريس ابنته. يصرح فيرزو بأن هذا كان سبب بداية مسيرته التدريسية. قامت الآن ابنة الحارس بفتح مركز التدريس الخاص بها. اشتغل السيد فيروز قبل التدريس في شركة اندين آئل حيث ترأس هنا اتحاد نقابة العمال وكان كاتب عمود ومقالات مستقلة في عدة صحف ومجلات حيث قامت أكاديمية ولاية ماهاراشترا الأردية للأدب بتكريمه مؤخرًا. وكان كاتبًا لمسلسل سورابي التلفزيوني لمدة عشر سنوات.
السيد فيرزو يعرف باسم "العم"، عندما قابلت كاتبة هذه السطور كان يساعد فتاة تستعد للذهاب لمقابلة كموظفة استقبال. قام السيد فيروز بتدريس أكثر من ٥٠٠٠ طفل منذ عام ١٩٩٧م وبعضهم حصلوا على وظائف جيدة، وبعضهم درسوا حتى مستوى الماجستيروالبعض الآخر سافروا إلى الولايات المتحدة وأفريقيا. يعتمد السيد فيرزو على التبرعات ويساعد طلابه من خلال منحهم الأموال عند الحاجة.

يندم على شيء واحد وهو أنه تعرف مشاكل السملمين متأخرا جدا. كان لديه فكرة رومانسية عن الهند على غرار اشتراكية نهرو ولكن تحطم هذا الحلم عندما رأى الواقع عن قرب. يشعر أن أجيال ما بعد استقلال الهند لم تتعامل مع السياسة بشكل جيد ويخوضون في النشاطات السفيهة للشهرة في حين المثقفون واليساريون والطبقة الوسطى دافعوا عن أنفسهم فقط. يؤكد على أن المسلمين بعد أعمال الشغب يريدون المضي قدمًا ويريدون تعليم أطفالهم. جاء العديد من المناطق مع أغلبية مسلمة في حيز الوجود بعد أعمال الشغب حيث أصبح من الصعب على أن يعيش هندوسي ومسلم معًا في حي واحد.
يؤكد السيد فيرزو على أن التغيير الإيجابي الأكبر الذي حدث بين المسلمين هو أن تعليم المرأة تلقى دفعة كبيرة وهناك طلب متزايد للتعليم بين النساء. يدرس طلابه اللغة الإنجليزية ويشير إلى أن الآباء الفقراء يبذلون كل جهودهم لتعليم أطفالهم في مدارس اللغة الإنجليزية. أصبح العديد من طلابه مدرسين ويقومون بتدريب الآخرين في تعليم اللغة الإنجليزية. ويضحك عندما سألت كاتبة هذه السطور بأنه من أين يحصل على كل هذه الأموال لاستمرار نشاطاته. ثم يجيب بأن الأموال تأتي وتركيزه الوحيد هو تعليم أكبر عدد ممكن من الأطفال وإرسالهم إلى ما يسمى التيار الرئيسي. يضيف قائلا بأنه يعيش في منطقة يكسب فيها معظم الناس أجورًا على أساس يومي أو لديهم تجارة صغيرة ويعتبر الجوع مشكلة كبيرة هنا حيث في كثير من الأحيان لا يتناول الأطفال وجبة الإفطار أو لا يأكلون طوال اليوم.
يذهب الطلاب إلى المدرسة ولكن الفتيات يتم إرسالهن للتعليم عند السيد فيروز لأنه لا يتقاضى الرسوم. ومن المفارقات كما يقول أن معظم الناس يخشون بإسم الأحياء بأغلبية المسلمين ولكن هنا لا يتحدث أحد عن الدين. وهو ليس متدينًا جدًا ولكنه لم يشعر أبدًا بأنه لاينتمى إلى هذا المكان. وإن الجو السائد في المنطقة هو إحساس بالخوف في أعقاب حوادث القتل الجماعي للمسلمين من قبل حشد هندوسي متطرف وفرض الحظر على أكل لحوم البقر ويضيف أن الناس يسافرون بهدوء ولا يحملون معهم اللحوم خوفا من القتل.
ويشعر أن تداعيات أعمال الشغب ونظام الحكومة الحالية  أدى إلى شعور متزايد بين المسلمين الآن بأن آرائهم لا تهم. وكلما يحرز المجتمع المسلم تقدما، توجد هناك حوادث العنف ويضطرون إلى التراجع. يؤكد على أن ليس هناك مجال للأصولية حيث نؤمن بالإسلام الصوفي.

يساعده أصدقائه الهندوس في استمرار نشاطاته والتدريس. كما يرأس مركز آشا التابع لمؤسسة صندوق تنمية المجتمع في منطقة أحمدناغار منذ ٣٠ عامًا حيث يقدم المركز مساعدة للمرضى الفقراء بالعلاج البديل.
يقول إن بعض الناس يسئلوني أحيانًا عن سبب عدم ذهابي للحج فيجيبهم بأنه إذا كان لديه الكثير من الأموال سيقوم ببناء المراحيض لأفراد مجتمعه. يؤكد قائلا على أن أكبر خطأ ارتكبنا هو أننا ابتعدنا أنفسنا عن مجتمعنا كمسلمين ليبراليين. ولكنه أدرك الآن بأنه حتى لو كان ليبراليًا، فليس عنده مشكلة في العيش هنا. لم أر قط فقرًا شديدًا إلى هذا الحد في أي مكان وإن أسوأ شيء هو تفشي البطالة حيث لا توجد مشاعر وهمم بين هؤلاء الفقراء لمحاربة الفقر والخروج منه وهم بحاجة إلى المساعدة.
السلاح الوحيد الذي يمكنه أن يمنحهم هو التعليم. يعلن بأنه مسلم صالح ويتبع تعاليم الرسول، ولديه سلوك الرحم والشفقة  مع الناس ولا يوجد عنده مشاعر الجشع وكل هذا ما يعتبر دينه.

الملاحظة: جميع الأفكار والآراء المنشورة على الموقع هي من آراء كتابها وأصحابهاوليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع
المصدر: نيوزكلك

Take Me Top