RIOTS /الصفحة الرئيسية
الاضطرابات الطائفية في بومباي - الجزء الثاني
لا يعتبر القتل بطريقة وحشية ثم حرق الجثة شيئا جديداً في الهند. ولكن تصوير هذا العمل والتأكد من انتشاره على وسائل التواصل الاجتماعي أصبح شيئا طبيعيا جديدا حيث وصل مستوى الخوف والفزع بين أتباع الديانات المختلفة من الأقليات إلى آفاق جديدة.
شهدت أجزاء كبيرة من مدينة بومباي الهندية أعمال الشغب والقتل الجماعي والتي اندلعت قبل ٢٥ عامًا وذلك في أعقاب هدم المسجد البابري بتاريخ ٦ ديسمبرعام ١٩٩٢م. كما وقعت قبل هذه الحوادث مذبحة مناهضة للسيخ في نيودلهي عام ١٩٨٤م، ولم يحصل الضحايا على العدالة في حوادث مومباي ونيودلهي. ذكرت الاحصائيات الرسمية بأنه تم مقتل ٩٠٠ شخص في أعمال الشغب في بومباي بمن فيهم ٥٧٥ شخص من المسلمين و٢٧٥ شخص من الهندوس.
لم ترفع الشرطة الكثير من دعوى القتل في أعمال العنف الطائفي في مدينة بومباي عام ١٩٩٢- ١٩٩٣م، ولكنها سجلت في معظم الأحوال من دعوى المفقودين حيث يُعتقد أن هؤلاء المفقودين تم قتلهم.
تم تسجيل ٢٢٥ حالة لأشخاص مفقودين في أعمال الشغب بحلول العام ١٩٩٥- ١٩٩٦م، وذلك بفضل جهود كل من السيد بابوبهاي قريشي من مؤسسة "المواطنين من أجل السلام" والسيدة مريم رشيد من منظمة جمعية التنمية البشرية والبيئية. بسبب هذه الجهود منحت الحكومة تعويضا بمبلغ قدره مئتي ألف روبية هندية لعائلاتهم في معظم الحالات. قام شهود عيان من الهندوس والمسلمين بسرد كل التفاصيل لحوادث القتل والحرق لمنازلهم أثناء أعمال الشغب أمام السيد قريشي وفريقه.
شهدت المدينة بعض الاشتباكات الطائفية بعد مضي أكثر من عقدين من اندلاع أعمال الشغب الأكثر دموية التي شهدتها المدينة خلال قرن ولكن لم يعد هناك إحساس بالحصول على العدالة بين المتضررين بهذه الحوادث.
شهدت المدينة أثناء أعمال الشغب بتفجيرات متسلسلة بتاريخ ١٢ مارس ١٩٩٣م والتي طغت على المذبحة المستمرة خلال الشهرين الماضيين. قُتل حوالي ٢٥٧ شخصًا وأصيب ٧١٣ شخصًا بجروح في ١٢ انفجارًا متسلسلًا. وقامت الحكومة باتخاذ خطوات حاسمة لم نفعلها في أعمال الشغب حيث أجرت التحقيقات بسرعة مع المشتبه بهم ولكن غادر الجناة الرئيسيون البلاد في هذه الفترة.
تم تشكيل محكمة مخصصة بموجب قانون (منع) الأنشطة الإرهابية والتخريبية للتعامل مع قضايا الانفجارات في سجن منطقة آرثر شديد الحراسة الذي يقع في وسط مومباي وانتهت المحاكمة الطويلة بإدانة ١٠٠ شخص، بينما أصدر قرارا بالإعدام بحق ٢٠ شخصا على الأقل.
قام ئيس وزراء الهند آنذاك بي في ناراسيمها راو بتشكيل لجنة تحقيق للتعمل مع أعمال الشغب في عام ١٩٩٣م برئاسة القاضي بي إن سريكريشنا الذي قدم تقريرًا ضخمًا في عام ١٩٩٨م. تم رفض هذا التقرير من قبل حكومة ائتلاف حزب بهاراتيا جاناتا - شيف سينا في الولاية.
قامت اللجنة بتوجيه اتهامات إلى ٣١ من رجال الشرطة لدورهم خلال أعمال الشغب حيث تم معاقبة ١٠ منهم، بينما ثبتت برأءة ١١ منهم وتوفي واحد. كما حملت اللجنة مسؤولية أعمال الشغب على بعض القادة السياسيين وذكرت اسم زعيم حزب شيف سينا الراحل بال ثاكيراي لخطاب الكراهية. ولكنه لم يعاقب مثل كثير من الزعماء السياسيين الآخرين.
أغلقت ١٣٧١ من القضايا من بين ٢٢٦٧ دعوى بشكل إجمالي والتي تم تسجيلها عن أعمال الشغب. وقامت فرقة عمل خاصة بإعادة إجراء التحقيق في ١١٢ من القضايا المغلقة. وافقت حكومة ولاية ماهاراشترا في عام ٢٠٠٧م على فتح تحقيقات في ١٦ قضية من قبل محاكم خاصة حيث تم إدانة بعض المتهمين ولكن العديد من القضايا ما زالت معلقة. ولا تزال هناك طلبات في المحكمة العليا لإجراء تحقيقات في القضايا المتعلقة بأعمال الشغب.
لقد أصبحت الحقائق موهومة وصدق الناس بأن الانفجارات وأعمال الشغب كانت من تصميم المسلمين. ولكن تعذر الناس من الفهم بأن الأجواء المتوترة أسفرت عن حادث هدم المسجد البابري وأن أعمال الشغب سبقت التفجيرات. وأدت أعمال العنف المروعة والاضطرابات الطائفية في ولاية غوجارات في عام ٢٠٠٢م ذكرى أعمال الشغب في بومباي.
هناك انتشار واسع من أجواء الخوف والفزع بين المسلمين مع تصعيد قوة فرق حراس البقر والقتل العشوائي. يخشى المسلمون الآن السفر أوحتى من تناول الكباب واللحم خاصة أثناء السفر بالقطار. تسببت حوادث القتل الجماعي وتصويرها ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار أحاسيس الخوف بين المسلمين بشكل متزايد. الإفلات من العقاب في مثل هذا العنف المنهجي أصبح مؤسسياً منذ فترة طويلة. كانت أعمال الشغب في بومباي خطوة أخرى في ذلك التاريخ الشائن المتمثل في إظهار مجتمع المسلمين مكانهم من الدرجة الثانية في الهند ولا تزال حوادث الخوف والفزع مستمرة دون رادع.
الملاحظة: جميع الأفكار والآراء المنشورة على الموقع هي من آراء كتابها وأصحابهاوليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع
المصدر: نيوزكلك