POLICIES /الصفحة الرئيسية

الخلاف بين الهند والخليج… الاقتصاد هو المفتاح لمواجهة إسلاموفوبيا يحملها حزب بهاراتيا جاناتا

تعتبر منطقة الخليج والهند ثاني أكبر ممر للهجرة في العالم، وقد شكلت التحويلات المالية من الخليج 2% من الناتج المحلي الإجمالي للهند وذلك قبل بداية جائحة "كوفيد-19" في عام 2019م.

وفي حين يعود الوجود الهندي في شبه الجزيرة العربية إلى عدة قرون، فإن هذا التواجد يواجه ضغوطا شديدة وسط صعود القومية الهندوسية وتفاقم وضع الأقليات في الهند.

تم ترحيل عدد من العمال الهنود من الإمارات عام 2020م بدعوى إدلائهم بتصريحات تعكس  "الإسلاموفوبيا" على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي وقت سابق من هذا العام، ورد أن مطعمًا هنديًا في البحرين تم إغلاقه بسبب قيام الموظفين بممارسات تمييزية ضد ارتداء الحجاب.

ولكن العاصفة الكبرى جاءت على تويتر بعد التصريحات المهينة التي قام بإدلاءها مسؤولان في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند ضد الإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وانتشرت سريعا دعوات لمقاطعة البضائع الهندية وتصاعدت الدعوات للاستغناء عن العمالة الهندية في الخليج؛ مما أجبر الجانب الهندي على إصدار بيانات توافقية وإقالة المسؤولين عن التصريحات المسيئة.

 ولو أن دعوات لمقاطعة البضائع الهندية مستمرة على أرض الواقع في بعض دول الخليج، يجب أن تكون هناك استراتيجية أكثر دقة وتماسكًا في تحديد التكاليف الاقتصادية

وإن مواجهة التحدي المتكرر لقوات وأيدولوجية الهندوتفا ليست معقدة بالنسبة لمواطني الخليج والمقيمين على حد سواء وذلك بسبب وجود جالية هندية كبيرة بقدر ما هي بسبب العلاقات الجيواستراتيجية العميقة بين الهند وأكبر اقتصادين في الخليج- السعودية والإمارات. وعلى الرغم من تواجد العلاقات التاريخية بين الهند والخليج، إلا أنه خلال العقد الماضي فقط منذ وصول رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى السلطة، كان هناك استعراض وتكثيف الجهود بتعزيز العلاقات والشراكة على مستوى الدولة.

صعود الميول المتطرفة:
يعرف رئيس الوزراء الحالي للهند ناريندرا مودي منذ فترة طويلة بميوله المتطرفة، وحدثت في عهده أسوأ انتهاكات واضطرابات طائفية في تاريخ الهند بعد الاستقلال، مما دفع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبعض الدول الأوروبية إلى اتخاذ مواقف سلبية ومقاطعة دبلوماسية تجاه حكومته، لكن هذا لم يمنع قادة السعودية والإمارات والبحرين من منحه أعلى مراتب الشرف المدنية لديهم بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء.

وأدى الانهيار الاقتصادي العالمي عام 2008م، وما تلاه من أحداث الربيع العربي وتراجع حضور الولايات المتحدة في شبه الجزيرة العربية، إلى اتجاه دول الخليج شرقًا نحو الصين والهند من أجل الأمن الاقتصادي والسياسي. وتعد الإمارات والسعودية من بين أفضل خمسة شركاء تجاريين للهند.

ولا تعد الإمارات مكان أكبر جالية هندية في الخليج فقط، ولكنها أيضًا موطن 13 ملياردير من أصل هندي، وهو عدد لا يوجد في أي مكان آخر في العالم. ورغم ذلك، لم تخجل حكومة مودي من مغازلة رجال الأعمال الهنود الأثرياء في الخارج من أجل دعم أجندتها المتطرفة في الداخل. وخلال زيارة إلى الإمارات، قيل إن مودي عقد اجتماعًا مغلقًا مع رجال الأعمال الهنود الذين تعهدوا بالاستثمار في منطقة كشمير التي تشهد انتهاكات صارخة ضد المسلمين. وأصبح هؤلاء الرجال بمثابة داعم رئيسي لنظام مودي في كشمير.

أما الكويت الأكثر ديمقراطية نسبيا، فقد اعترضت علنًا باستمرار على تزايد الإسلاموفوبيا في الهند في عهد مودي، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم يزرها ناريندرا مودي بعد.

وفي وقت سابق من هذا العام، دعا عدد من البرلمانيين الكويتيين إلى حظر دخول أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا إلى الكويت، بعد منع الطالبات المسلمات في ولاية كارناتاكا من حضور الفصول الدراسية لارتدائهن الحجاب.
وكانت الكويت وقطر قامتا باستدعاء السفراء الهنود حتى أن وزارة الخارجية القطرية طلبت اعتذارًا علنيًا من الحكومة الهندية اعتراضا على التصريحات المسيئة مؤخرا للإسلام والرسول الكريم.

تعميق خطوط الصدع:
جاءت حرب روسيا وأوكرانيا لتزيد التعقيد وتعمق خطوط الصدع بين الشمال العالمي والجنوب العالمي. أصبحت الهند والإمارات والسعودية وإسرائيل الآن كتلة سياسية غير رسمية، مع تقارب استراتيجيتهم الجيو-اقتصادية وموقفهم المحايد من غزو روسيا.

من ناحية أخرى، فإن دولًا مثل الكويت وقطر - مع ميولهما الإسلامية ومكانتهما كحلفاء رئيسيين لأمريكا من خارج الناتو - لديهما فرصة لممارسة ضغوط دبلوماسية على الحكومة الهندية بسبب الإسلاموفوبيا المتزايدة لديها.
وقد أعربت الإدارات الأمريكية خلال فترة ولاية مودي، بما فيها الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب، عن مخاوفها من تزايد عدم التسامح الديني في الهند، ولكن يبدو أنه لا يوجد شيء يجبر حكومة "مودي" على تغير سلوكها سوى ممارسة ضغوط حقيقية من دول الخليج.

ومع ذلك ، فإن هذا لا يضمن أي تغييرات طويلة الأجل على أرض الواقع من حيث ضمان رفاهية المسلمين الهنود. إلى جانب الفوز بانتخابات وطنية متتالية بأغلبية ساحقة، يعد حزب بهاراتيا جاناتا أيضًا أغنى حزب سياسي في البلاد، وقد تمكن من التنازل عن كل مؤسسة مدنية لتحقيق أهدافها السياسية الخاصة. وحتى بوليوود لم تسلم من ذلك، حيث أصبحت أداة مهمة للقوة الناعمة لنظام مودي مع الأفلام المحظورة من دول الخليج بسبب تصويرها للمسلمين.

ويجب أن يكون الاقتصاد في صميم أي استراتيجية خليجية للتعامل مع القومية الهندوسية في الهند، خاصة أنه يقال إن الهنود في الخارج هم أكبر مجموعة مانحة لحزب بهاراتيا جاناتا.

وبالرغم أن مقاطعة البضائع الهندية مستمرة وجارية بالفعل في بعض دول الخليج، إلا أنه يجب أن تكون هناك استراتيجية أكثر دقة لرفع التكلفة الاقتصادية على حكومة مودي، حيث لا يتأثر فقط أصحاب الأعمال الضعاف.

ويجب مزيدا من اليقظة بهذا الصدد من قبل سكان الخليج بالإضافة إلى تحديد الشركات الكبرى ذات الأصل الهندي، والتي تساعد على إضفاء الشرعية على سياسات مودي الهندوسية في داخل الهند وخارجها.

الملاحظة: جميع الأفكار والآراء المنشورة على الموقع هي من آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع
 
المصدر: موقع "ميدل ايست آي"

Take Me Top