POLICIES /الصفحة الرئيسية

أفكار الهندوتفا والإرهاب الزعفراني

وفي عام 1992، ربما كانت أفكار "صامويل هنتنغتون" تبدو بعيدة المنال لبعض المثقفين والكتّاب عندما توقّع "بأن الحروب في المستقبل ليست بين البلدان بل بين الثقافات". ولأن الدين عامل رئيسي في الهوية الثقافية، لذا أصبحت الهوية الدينية قوة السياسية المقتدرة في شؤون الدولة، واندلع العديد من الصراعات القائمة على الهوية بين الولايات وداخلها على مر التاريخ. وأدي الاختلاط بين السياسة والدين إلى نتائج خطيرة في بلدان متعددة والسياسة التي وُلدت من هذا الاختلاط، سرعان اعتنقت حركات قومية ذات أغلبية ملهمة من الدين، وقد شهدنا مؤخرا ظواهر القومية الدينية في الإبادة الجماعية للروهينغا، وهي سلسلة من اضطهاد المسلمين على يد الجيش في ميانمار، حيث أجبر الجيش أكثر من مليون شخص من الروهينغا على الهرب من وطنهم ملتمسين اللجوء في بلدان أخري بسبب هويتهم الدينية المتميزة. وفي الهند المُشرقة اليوم-أكبر ديمقراطية في العالم- لا تزال تتواصل الاشتباكات بين الطوائف حول الدين.
الهند، والأقليات وحركة آر ايس ايس:  
والتصاعد الدراماتيكي للقومية الدينية في الهند يدعم الحركة القومية الهندوسية المتطرفة "آر ايس ايس" RSS التي تعني حرفيا "منظمة المتطوعين الوطنيين" وتأسست حركة آر ايس ايس في 27 سبتمبر 1925عام في مدينة ناغبور خلال النهضة الهندوسية في الهند.
ويهدف أعضاء الحركة RSS وقادتها إلى تحويل الهياكل الاجتماعية والثقافية والتعليمية والعمالية والتنموية والسياسية حسب  رؤيتهم الهندوسية. وكان الأعضاء المؤسسون لحركة آر ايس ايس من معجبين بأيدولوجية موسوليني الفاشية وكانوا يسعون لتطبيق نفس المنهج لقضاء على الأقليات الدينية في الهند. وابتعدت حركة آر ايس ايس عن عَلم الهند الذي يشتمل على ثلاثة ألوان، واختارت عَلمها الخاص "الزعفران" المعروف باسم Bhagwa dhwaj. والآن تنتمي حركة آر ايس ايس إلى لون الزعفران وهم يقدسونه وتعد حركة آر ايس ايس جميع الأديان سوي الهندوسية ديانات أجنبية، (ولكن تعتبر البوديين والجين وسيكهيين من الهندوس).
والحزب بهارتيا جانتا الحاكم يشتغل كمندوب سياسي لحركة آر ايس ايس التي تزعم بأنها تعيد تشكيل بلاد جديد حيث يعتبر بعض الناس هنودا أكثر من غيرهم. وهذه ليست من قبيل المصادفة بأن تصاعد اضطهادُ الأقليات من يوم وصل نريندر مودي إلى منصب رئيس الوزراء لأنه كان من أعضاء آر ايس ايس ويؤمن بتنفيذ أيديولوجية هندوتفا - اعتقادًا بأن الهند يجب أن تصبح "دولة هندوسية فقط". كان مودي هو الذي سمح بمجزرة غجرات في عام 2002 عندما كان رئيسًا للوزراء في الولاية، وأيضا أعلنت أمريكا ومعها عديد من الدول الأوروبية ممنوع الدخول له في بلادهم لسنوات عديدة حتى أصبح رئيس الوزراء للهند.
وتحت رعاية الدولة، أصبحت الجماعات المتطرفة الزعفرانية جزءًا للسياسة الرئيسية وتؤثر على قضايا السياسة الوطنية. وأعادت هذه الجماعات إحياء أيديولوجية الهندوتفا بطريقة منهجية ووحشية أرعبت الأقليات في الهند، ولا سيما المسلمين والمسيحيين. و ينتسب المدافعون عن الهندوتفا أنفسهم إلى "عائلة سنغ" sangh Parivar  حيث يعني "سنغ" الحركة و Parivar  يعني العائلة و وأيدولوجية حركة آر ايس ايس توّحد جميع المنظمات القومية الهندوسية بما في ذلك الأحزاب السياسية ك"حزب بهارتيا جانتا والمنظمات الدينية المتشددة ك"باجرنغ دل".
الهند المشرقة والغوغاء الزعفرانية:
وعندما تتعرض الأقليات وخاصة المسلمين لاعتداء من قبل الغوغاء الزعفرانيين،الذين يجبرونهم على هتف شعارات هندوسية ك"يحي إله رام" (جاي شري رام) وهو شعار يهتف به الهندوس من أجل تمجيد إله الهندوس رام أو يُعرض علهم الخيار بين الحياة والموت بقبول حكمهم وبرفضهم وتحدث هذه الحالات في أنحاء البلاد، سواء في مدينة بابيتا من ولاية آسام أو في شوارع مدينة مومباي المزدحمة. وإن الصور المروعة لمصور صحفي يداعب جثة رجل مسلم قُتل على أيدي شرطة الولاية تبين الوحشية التي ترعاها السلطة.
وحتى أماكن العبادة ليست آمنة في بعض مناطق الهند اليوم وتم تحويل العديد من المساجد إلى المعابد، ومنها مسجد بابري الذي كان بُني في عهد المغول.
وأفادت وكالة اتحاد أخبار آسيا الكاثوليكية بأن الكنيسة في ولاية أتراخنده تعرضت لهجوم من قِبل حشد 200 من القوميين الهندوس المتطرفين في 10 سبتمبر 2021 عام. ويزعجنا بأن الكراهية تجاوز الحدود الهندية وفقا ل "آمر سينغ" رئيس تربنس4 في أستراليا يقول بأن المجتمع السيخي كله يشعر بالقلق من الهجمات المتزايدة من قِبل الهندوس القوميين في المدن الأسترالية.
والذين يرفعون أصواتهم ضد هذه الأيدولوجية هم في القِلة ومنهم الكاتبة الشهيرة أرندتي روي التي تقاوم أيدولوجية آر ايس ايس الفاشية مقاومة صارمة. ولكن امتدت الفعالية السياسية لإيديولوجية الهندوتفا أجنحتها على دستور الهند، فلم يجد مُقاوِمُها مساحة ملائمة لمواجهة إيديولوجية آر ايس ايس. ولا شك فيه بأن الهند انتصرت على التحديات والأزمات الخطيرة من يوم استقلالها عام 1947 ولكن إن لم تنتصر على تصاعد إرهاب الزعفرانيين والهجوم على الأقليات فأنها تؤدي البلاد إلى أكثر تدميرا لسيادة أكبر ديمقراطية في العالم.
المصدر:

Disclaimer: The views, thoughts, and opinions expressed in the above text are solely belongs to the authors of original content, and not necessarily to the employer, organization, committee, translator or other associates of 12ummah.com

Take Me Top