TRENDS /الصفحة الرئيسية

البَراهِمَة هي الطبقة العليا عند الهندوس…فماذا يعني عن معارضة البراهمانية وماهي؟

نشرت صحيفة Deccan Herald  الهندية تقريرا يفيد فيه بأن سلطات الشرطة قامت برفع  210 حالة للجرائم ضد الطبقة المتخلفة من الداليت في المناطق الحضرية بمدينة بنغالورو و 106 حالة في مناطقها الريفية خلال عام 2017م. كما سجلت ولاية كيرالا 883 حالة من الجرائم خلال الفترة من شهر يونيو 2016 إلى أبريل 2017م. وتأكدت تقارير أخرى بأن الجرائم ضد الداليت سجلت نموا بنسبة 66 ٪ خلال فترة السنوات العشر ما بين الفترة 2007-2017م.
تتضح فظاعة هذه الإحصائيات عندما نمعن النظر في الأحداث المربوطة بهذه الجرائم حيث أشار تقرير آخر إلى الهجوم على مجموعة مكونة من 200 شخص من طبقة الداليت حينما يسبحون في نهر بهادرا بولاية كارناتاكا جنوب الهند. ادعى المهاجمون بأن النهر يخص بالطبقات العليا فقط. هنا يبدو أن المادة رقم 15 من الدستور الهندي يبقى غير فعال.
لا بد أن نفكر في الأسباب وراء هذه الهجمات الوحشية التي تستهدف الأبرياء لمجرد أنهم ينتمون إلى طبقة معينة ومتخلفة؟ الجدير بالذكر بأن معظم الفظائع تدور حول القضايا الأساسية المتعلقة بالأجور والاستحقاقات فيعتبر الفقر والضعف من بين الأسباب لهذا العنف. ولكن المحرك الرئيسي وراء مثل هذه الفظائع هو البراهمانية نفسها. هنا يجب أن نسأل ما هي السمات الأساسية للبراهمانية؟
ليس ضد البراهمة
 معارضة البراهمانية لا تعني معارضة البراهمة ولا يعني بالضبط أن جميع البراهمة مسؤولون عن هذه الفظائع. يعتبر هذا أمرا غير معقول مثل إلقاء اللوم على جميع المسلمين عن أي خطأ ارتكب أي مسلم أو كل الشعب البريطاني لمذبحة جاليانوالا باغ. وقد ينتمي شخص إلى طبقة البراهمة ولكن لا يلتزم بالسلوك الأساسي للبراهمانية. ولذا نجد أن السيد ساهاسارا بودي انضم إلى   قرار السيد بي آر أمبيدكر لحرق كتاب مانوسمرتي الذي يعتبر كتابا مقدسا للبراهمانية.
أفاد السيد بي آر أمبيدكر في خطاب ألقاه في مؤتمر عمال الطبقات المتخلفة في عام 1938م، بأنه عندما يقول إن البراهمانية هي عدو فهو لا يعني امتياز البراهمة كمجتمع. تبدو هذه التصريحات في ظاهر الأمر غريبة ولكن ليست محيرة.
أيديولوجية محافظة    
هنا ينشأ سؤال ما هي البراهمانية إذن؟ إنها أيديولوجية اجتماعية وسياسية ترمز إلى ذكرى ومجد ماض نموذجي ومثالي ورؤية للمجتمع في المستقبل حيث يحتل فيه البراهمة أعلى مكانة في جميع مناحي الحياة. وتوجد لديهم معرفة فائقة بقضايا المجتمع وحكم البلاد. والأهم من ذلك، أن مكانتهم المتفوقة في المجتمع ومعرفتهم الفائقة تنبع من الولادة. وهذا يجعلهم بطبيعة
الحال طبقة متفوقة على جميع البشر ولا يمكن أن يتحدى أي شيء أو يغير أي شخص هذه الحقيقة. ولا يمكن أن يصبح أحد من طبقة البراهمة إلا بالولادة.  
حسب أيدولوجية البراهمة يترتب النظام الاجتماعي على الترتيب الطبيعي للأشياء. ولا يمكن لأحد أن يغير مكانه حتى وظيفته في النظام الاجتماعي وتعتبر أي محاولة لتغيير الوضع خاطئة من الناحية الأخلاقية. ويجب أن تظل طبقة الداليت في مكانهم وإذا حاولوا الصعود من مكانهم، فيجب معارضتهم.
من ثم تعتبر أيدولوجية البراهمانية محافظة شديدة وهي تتوافق مع مصالح الطبقة العليا من المجتمع التي ترغب في الحفاظ على مكانتها الاجتماعية وسلطتها وامتيازها. وهذا هو السبب أن هذه الأيدولوجية منتشرة في كل أنحاء الهند وخارجها. يجد كل شخص من النخبة المتميزة أن هذه الأيديولوجية منسجمة مع مصالحه. ولذلك نقول إنه يمكن أن يكون هناك براهمة من البوذيين أو الذين اعتنقوا الإسلام أو المسيحية وهم يستمرون في اعتناق هذه الأيديولوجية على المستوى الاجتماعي والسياسي.
يحب الملوك والتجار والأثرياء هذه الأيدولوجية لأنها تضفي الطابع الطبيعي على القوة والامتياز والمكانة الأعلى لهم. ولذا يجد كل شخص يتمتع بالمكانة العليا تجذب إليها لأنها تحافظ على مصالحها واستمرار الوضع الاجتماعي الحالي. يعتبر أي شخص يوافق على هذا النظام الاجتماعي أو يؤيده أو يبرره، بغض النظر عن طائفته أو عقيدته أو جنسه، من البراهمة.
إن هذه الأيديولوجية تعارض بشكل أساسي أي نوع من التغير الاجتماعي وهي تقيد الحرية الفردية وتعارض المساواة لأنها تفصل مجموعة من البشر عن مجموعة أخرى وتعارض مع أي فكرة عن الأخوة. ولذا نجد أن السيد أمبيدكار وصف البراهمانية بأنها معارضة لروح الحرية والمساواة والأخوة. وهذا ما يجعل البراهمانية تعارض الدستور الهندي بشكل أساسي. وكل من يلتزم بالمبادئ الأساسية للدستور الهندي يكون مناهضًا للبراهمانية بشكل تلقائي وكل من يلتزم بالبراهمانية تصبح معوقا من اعتناق القيم المنصوص عليها في الدستور الهندي.
الملاحظة: جميع الأفكار والأخبار والآراء المنشورة بالموقع هي آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من هذه البوابة
المصدر:

Take Me Top