POLICIES /الصفحة الرئيسية
أصدرت المحكمة العليا بولاية كارناتاكا قرارها حيث أيدت فيه أوامر حكومة حزب بهاراتيا جاناتا عن فرض حظر على الحجاب. وإن قرار المحكمة المكون من 129 صفحة يتجاهل عن الأوضاع المتوترة السائدة في البلاد على هذه القضية.
ذكر القرار بأن الحجاب ليس ضرورياً في الإسلام ومن ثم لا يعتبر إجبارياً. ولكن من خلال إصدار حكم حول الممارسات الأساسية للإسلام وفحص القضية عما الحجاب يسبب خللاً في الحفاظ على النظام العام، يبدو أن المحكمة قد تجاهلت تمامًا عن حقيقة أن السلطات الحكومية كانت تراقب بتعاطف تجاه عصابات يرتدون لباس الزعفران ويقومون بالتحرش مع النساء المحجبات على مرأى ومسمع الجميع.
لم تهتم المحكمة بالعوامل الاجتماعية والسياسية المحيطة بالقضية وأنها خلقت فقاعة مصطنعة معزولة عن الحقائق. واستندت المحكمة مرارًا إلى الحفاظ على النظام العام والأخلاق والصحة وذلك للتوصل إلى نتيجة مفادها أنه من المعقول فرض قيود على الحجاب في الأماكن العامة. ولكن هل نفترض بناءً على هذه الأسس أن المرأة التي ترتدي الحجاب تشكل تهديدًا أكبر للنظام العام مقارنة من تهديد الغوغاء لخلع ملابسها؟
يستشهد القرار بآراء العالم والفقيه المسلم عبد الله يوسف علي حيث يعتقد أنه من خلال الحجاب لم يكن الهدف تقييد حرية المرأة ولكن حمايتها من الأذى والتحرش في ظل الظروف القائمة آنذاك في المدينة المنورة.
تتطلب الإشارة المتكررة إلى النظام العام من قبل المحكمة أيضًا إجراء التحقيق في ماهية النظام العام وطبيعة الأماكن العامة. صرحت المحكمة بأنه في الأماكن العامة المؤهلة مثل المدارس والمحاكم وغرف الحرب ومعسكرات الدفاع يتم تقييد حرية الأفراد من أجل متطلبات الانضباط والوظيفة.
تجدر الإشارة إلى أنه قام عدد كبير من النساء المسلمات في وقت يسود فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا العالمية وفكرة هندوتفا في الهند، بجعل الحجاب كمؤشر ثقافي ورمز للمقاومة.
فشلت المحكمة في النظر في حوادث التحريضات المناهضة للحجاب في سياق جهود لإنشاء إمبراطورية هندوسية حيث يتولى أتباع أيديولوجية سافركار على السلطة في الهند وإنهم يهدفون إلى تأسيس الهيمنة الهندوسية على المسلمين من خلال تجريدهم من هويتهم الثقافية والدينية المتميزة.
ماذا قالت المحكمة؟
استند القرار إلى أفكار أحد كبار اعلام القانون في الهند “بي آر أمبيدكار" حول الحجاب حيث أكدت المحكمة على أن هناك مجال واسع للحجة على أن الإصرار على ارتداء الجلباب أو الحجاب أو غطاء الرأس في أي مجتمع قد يعيق عملية تحرير المرأة بشكل عام والمرأة المسلمة بشكل خاص. ولكن المحكمة فشلت في النظر إلى روح المقاومة لدى الشابات المسلمات وذكائهن خلال محادثاتهن في الأماكن العامة حول هذه القضية.
أعطت المحكمة وذلك من خلال تبني وجهة النظر بأن الحجاب هو رمز لاضطهاد المرأة المسلمة، شرعية للفكرة السخيفة لحزب بهاراتيا جاناتا، الحزب اليميني الهندوسي الذي يدعي بأنه يحاول تحرير النساء المسلمات من براثن الأصوليين.
ماذا جاء في القرار؟
أفاد القرار بأن قضية الحجاب أدت إلى أوضاع تشير إلى أن بعض الأيادي غير المرئية تشغل على خلق الاضطرابات الاجتماعية والتنافر في المجتمع، مضيفا بأنه ليس هناك حاجة لتحديد هذه العناصر. أضاف القرار "نحن لا نعلق على تحقيق الشرطة خشية أن يتأثر. لقد اطلعنا على نسخ من أوراق الشرطة وأعدناها في غلاف مغلق. نتوقع إجراء تحقيق سريع وفعال في هذه المسألة وتقديم الجناة إلى ساحة العدل دون تأخير".
يبدو من هذه التعليقات بأن المحكمة تبنت وجهة نظر بشأن ادعاء حكومة ولاية حزب بهاراتيا جاناتا أن المشكلة سببها الأصوليون الإسلاميون.
ولا تحاول المحكمة التعامل بشكل حاسم مع شيطنة الحكومة إذا كان بإمكانها إدراك الأيدي غير المرئية التي كانت تعمل على خلق الاضطرابات الاجتماعية والتنافر، وكيف يمكنها أن تفشل في التعرف على تلك الجماعات المسلحة التي لم تبذل أي محاولة للبقاء غير مرئية؟
لا يبدو أن خطابات الكراهية ضد المسلمين في سياق التحريضات المناهضة للحجاب، والتوزيع العلني لشالات الزعفران، وتحريض الطلاب الهندوس الشباب قد أزعجت القضاة ونجحت في جلب اهتمامهم. ولكن من المهم أن نسئل في سياق إضفاء المحكمة مصداقية على نظريات المؤامرة الحكومية عما إذا كان دعم النساء المسلمات اللاتي يرغبن في ارتداء الحجاب من قبل منظمة سياسية مسلمة، يخالف الدستور والقانون الهندي.
كانت الفرصة التاريخية سانحة أمام للمحكمة العليا بولاية كارناتاكا لمعالجة الشعور بالقمع والاضطهاد بين المسلمين وتطبيق مبادئ الاندماج الاجتماعي المتواجدة في الدستور الهندي. ومن خلال تبني هذا النهج كانت الفرصة متواجدة أمام القضاة لإزالة الحواجز والعراقيل في سبيل تعليم المرأة المسلمة. ولكن بالعكس قرار المحكمة يرتب آثارا سلبية حيث يمكن أن يؤدى إلى بقاء آلاف النساء المسلمات بعيدًا عن الفصول الدراسية في جميع أنحاء ولاية كارناتاكا.
الملاحظة: جميع الأفكار والأخبار والآراء المنشورة على الموقع هي آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع.
المصدر: دي نيور منتس