POLICIES /الصفحة الرئيسية
كيف يتحدث المرء عن تفكك أكثر ديمقراطية في العالم من حيث عدد السكان دون الاستسلام للتشاؤم؟ كيف يظل المرء موضوعيًا بشأن قصة تتضمن تجربة ذاتية معيشية واضطهادًا وإذلالًا؟ كيف يكتب المرء عن حبه لوطنه عندما يُنظر إلى أي محاولة لتسليط الضوء على الفاشية التي أطلقت ضد شعبه على أنها تشويه سمعة الأمة على المستوى العالمي؟
الهند البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي ١.4 مليار نسمة يعتبرها الكثيرون حول العالم مثالاً نموذجياً للتعايش والتعددية والتنوع ولكنها الحين غارقة في نيران مشاعر التفوق الهندوسي. أصبح الوضع محفوفًا بالمخاطر لدرجة أن السيد جريجوري ستانتون، مؤسس ومدير منظمة مراقبة الإبادة الجماعية، حذر من أن الهند قد تكون على أعتاب إبادة جماعية ضد المواطنين المسلمين. يجدر بالذكر بأن السيد ستانتون توقع سابقا عن مذبحة مجتمع التوتسي في رواندا قبل وقوعها في عام ١٩٩٤م.
قد يرغب أحد في رفض تصريحات وتوقعات السيد ستانتون باعتبارها مبالغة أو وجهة نظر مثيرة للقلق. ومع ذلك، بالنسبة للأقليات الهندية فهذه حقيقة تعيشها كل يوم.
مُنعت النساء المسلمات خلال الأسابيع الأخيرة في الكليات في ولاية كارناتاكا بجنوب الهند من ارتداء الحجاب وتعرضن للمضايقة والمطاردة من قبل القوميين الهندوس في الشوارع. يتعرض المسلمون القرويون للضرب بسبب مزاعم عن تهريب أبقار مقدسة لدى الهندوس حيث تم اعتقال أحد الضحايا المسلمين. كما وجهت محكمة في دلهي مؤخرًا انتقادات شديدة لشرطة دلهي لتمكينها ودعمها الغوغاء أثناء قيامهم بأعمال شغب بالقرب من أحد المساجد.
ولكن أين ردفعل من المجتمع الدولي؟ إن العالم الذي يسارع في التعبير عن غضبه من الديكتاتوريات والديماغوجيين الآخرين يتباطأ في التعبير ويصف انحدار الهند إلى هاوية طبقة الأغلبية.
قام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بزيارة الهند في شهر أبريل وتم التقاط صوره مع سيارة الحفار من نوع جي سي بي، الآلة التي استخدمت لهدم منازل المسلمين الفقراء في دلهي قبل أيام فقط.
صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين خلال اجتماع مع وزير خارجية الهند بتاريخ ١١ أبريل، أن إدارة الرئيس بايدن كانت تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في الهند. أخبرني مسؤول في إدارة بايدن أن المسؤولين الحكوميين "يجب أن يضعوا مصالحهم الاستراتيجية في الاعتبار خلال التعامل مع الهند، ولكنهم يراقبون الأحداث في الهند بقلق كبير ويتأكدون من إبلاغ هذه المخاوف على كل المستوى."
سيجتمع الرئيس الأمريكي بايدن برئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في اليابان في وقت لاحق من هذا الشهر كجزء من قمة "مجموعة الرباعية" (الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) لتعزيز العلاقات بين الهند ومنقطقة المحيط الهادئ. هل سيعرب السيد بايدن عن قلقه عن التهديد الوجودي للمسلمين الهنود ويعبر عن التزامه بتعزيز القيم الديمقراطية؟ أم أن انتهاكات حقوق الإنسان لا تستدعي اهتمام العالم إذا كانت الدولة حليفًا استراتيجيًا مهمًا؟
بصفتي صحفيًا تكتب عن جرائم الكراهية والاضطهاد وانتهاك المسلمين في الهند لأكثر من عقد من الزمان، وجدت الأسابيع الخمسة الماضية خلال شهر رمضان المبارك هي أصعب فترة في ذاكرتي بالنسبة للمسلمين الهنود.
لقد رأينا وشاهدنا رجالا من المتطرفين الهندوس يقتحمون المساجد ويرفعون عليها أعلام الزعفران. يردد الغوغاء شعارات الإبادة الجماعية ضد المسلمين مع السيوف بأيديهم. يخاطب قس هندوسي حشدًا ويهدد باغتصاب النساء المسلمات بشكل علني. لقد رأينا مقاطع فيديو لأشخاص بمن فيهم عضو من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم ورئيس قناة تلفزيونية مع أيدولوجية يمينية، يتعهدون بتحويل الهند إلى دولة هندوسية.
تم وضع مكبرات الصوت في المعابد القريبة من المساجد من قبل السياسيين اليمينيين لتعلو أصوات الصلاة الهندوسية على أذان المسلمين. يجب على المسلمين الذين يؤدون صلاة الفجر أن يستيقظوا من أتفسهم حيث تتوقف المساجد عن بث الأذان.
صرح أحد مشرعي من حزب بهاراتيا جاناتا في المجلس التشريعي من إحدى الولايات في هذا الشهر بأنه يجب إحراق المسلمين تمامًا مثلما أشعل الهندوس النيران في نصوصهم المقدسة. احتج القوميون الهندوس خارج مبنى "قطب مينار" الشهير في دلهي حيث يريدون إعادة تسميته بإسم إله هندوسي، كما تم رفع الدعوى أمام محكمة الله أباد العالية لفتح الغرف والتحقق من الأصنام الهندوسية في مبنى تاج محل، رمز الحب الذي بناه المغول. هل هذه الأمثلة ليست كافية لإيقاظ الضمير الجماعي للعالم؟
أين رئيس وزراء الهند خلال كل هذه الأوضاع والمستجدات المقلقة ولماذا لم يصدر أي بيان للحفاظ على الوئام في المجتمع الهندي العام؟ يعرف كل من راقب مسيرة مودي السياسية - خاصة عندما كان رئيس وزراء ولاية غوجارات في عام ٢٠٠٢م، حينما قتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من المسلمين، بأنه حافظ على صمت مماثل من خلال خطابات الكراهية والجرائم التي أدت إلى تلك المذبحة في غوجرات، والتي تعتبر من أسوأ المذابح المعادية للمسلمين في التاريخ الحديث. منعت الولايات المتحدة مودي من الدخول في أراضيها في أعقاب أعمال العنف ولكنها رفعت الحظر بعد وصوله إلى منصب رئاسة الوزراء عام ٢٠١٤م.
تشهد الهند اليوم إعادة تمثيل لأحداث وسياسات ولاية غوجارات في عام ٢٠٠٢م. ويخشى المسلمون الهنود الأوضاع الأسوأ في الأيام القادمة وذلك بتشجيع من الصمت الدبلوماسي على المستوى العالمي.
الملاحظة: جميع الأفكار والآراء المنشورة على الموقع هي من آراء كتابها وأصحابها وليس بالضرورة تعبر عن رأي إدارة الموقع أو اللجنة أو المترجم أو الشركاء الآخرين من الموقع
المصدر: واشنطن بوست